صدر بيان عن أمانة سر المجمع الأنطاكي المقدس في البلمند جاء فيه:"التأم المجمع الأنطاكي المقدس ما بين السابع عشر والعشرين من شهر حزيران 2013، في دورته العادية الأولى برئاسة صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر، وحضور كل من أصحاب السيادة: جاورجيوس (أبرشية جبيل والبترون وتوابعهما)، إيليا (أبرشية حماه وتوابعها)، الياس (أبرشية صيدا وصور وتوابعهما)، أنطون (أبرشية المكسيك وفنزويلا وتوابعهما)، سرجيوس (أبرشية تشيلي)، دمسكينوس (أبرشية البرازيل وتوابعها)، سابا (أبرشية حوران وكل جبل العرب)، بولس (أبرشية أستراليا وتوابعها)، جورج (أبرشية حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشية الأرجنتين)، باسيليوس (أبرشية عكار وتوابعها)، أفرام (أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما).
واعتذر عن الحضور كل من أصحاب السيادة: اسبيريدون (أبرشية زحلة وتوابعها)، فيليبس (أبرشية نيويورك وكل أميركا الشمالية)، قسطنطين (أبرشية بغداد والكويت وتوابعهما)، يوحنا (أبرشية اللاذقية وتوابعها)، الياس (أبرشية بيروت وتوابعها). وقد حضر المطران بولس (أبرشية حلب والاسكندرون وتوابعهما) المغيب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.
وشارك كل من رئيس الأساقفة جوزيف زحلاوي والأسقفين غطاس هزيم وأفرام معلولي، مع كاتب المجمع الإيكونوموس جورج ديماس.
استهل المجمع بخدمة التريصاجيون لراحة نفس المثلث الرحمات البطريرك إغناطيوس الرابع، التي ترأسها غبطة البطريرك يوحنا العاشر بمشاركة المطارنة الحاضرين في كنيسة دير سيدة البلمند.
بعد ذلك، افتتح صاحب الغبطة الدورة المجمعية بالصلاة، واستدعاء الروح القدس، ليلهم رعاة الكنيسة الأنطاكية لخدمة إرادة الله المقدسة ولبنيان شعبه. ثم وقف الجميع دقيقة صمت مستلهمين الراحة لنفس المثلث الرحمة البطريرك إغناطيوس الرابع، الذي قاد الكنيسة الأنطاكية مدة ثلاث وثلاثين سنة، وسهر على حسن رعايتها، وعمل جاهدا للحفاظ على تماسكها وطنا ومهجرا.
تضرع آباء المجمع إلى الله ليحفظ صاحبي السيادة المطرانين بولس يازجي، متروبوليت حلب والإسكندرون للروم الأرثوذكس، ويوحنا ابراهيم مطران حلب للسريان الأرثوذكس، ويشددهما في أسرهما ويعيدهما سالمين إلى أبنائهما في أبرشية حلب، مع الكاهنين وسائر المخطوفين.
وفي مستهل هذه الدورة المجمعية الأولى التي تنعقد برئاسته، جدد صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر شكره لآباء المجمع على ثقتهم، سائلا صلواتهم وبواسطتهم صلوات جميع أبناء الكرسي الأنطاكي المقدس. ثم توجه غبطته بكلمة افتتاحية عرض فيها رؤيته المستقبلية للعمل والاستراتيجيات المطلوبة لتحقيق هذه الرؤية مع ما يرافقها من آليات لازمة للتنفيذ. وقد عرج على التحديات والصعوبات التي تواجه شعبنا وكنيستنا في عالمنا اليوم، متوقفا عند الأولويات المطلوبة في هذه المرحلة، حيث تتسارع الأحداث المؤلمة وتنعكس على أبناء الكنيسة تشريدا، وخطفا، وتدميرا، وقتلا. كذلك لفت غبطته إلى ضرورة مقاربة الشأن الرعائي بطريقة جديدة، بهدف تقوية إمكانات الكنيسة لخدمة الشعب المؤمن، ومواكبة فئاته المختلفة في شؤونها الحياتية وفي هواجسها، والمساهمة في رفع الظلم اللاحق بها. وشدد غبطته أخيرا على روح التجديد الدائم الذي علينا أن نتمتع به في بحثنا لأمور مستحدثة كالإعلام، والتواصل، واستعمال التقنيات الجديدة لنزيد من فعالية خدمتنا لشعبنا وحضور كنيستنا الأنطاكية في محيطها أينما وجدت. أثنى المجمع على هذه التطلعات، معتبرا، أنها تشكل مع ورقة العمل الرعائي المقدمة من البطريرك الأساس للسياسة الرعائية العامة للكرسي الأنطاكي في السنوات المقبلة.
كذلك تدارس المجمع المقدس ورقة عمل اقترحها صاحب الغبطة تتضمن تفصيلا للهيكلية التنظيمية لعمل لجان المجمع المقدس والدوائر البطريركية. وافق الآباء على التوجهات الواردة في هذه الورقة معتبرين أنها ستشكل قفزة نوعية في تطوير العمل المجمعي، وتفعيل المشاركة بين الأبرشيات وتفعيل دور المؤمنين في حياة الكنيسة.
ثم انتقل المجمع إلى الاستماع إلى تقارير الأبرشيات التي تضمنت وصفا للواقع الرعائي في كل أبرشية، من حيث عدد الرعايا والكهنة، والمؤسسات العاملة والمشاريع قيد التنفيذ، بالإضافة إلى الصعوبات التي تعيق العمل. وأكدوا على ضرورة التعاون والتعاضد بين مختلف الأبرشيات في سبيل ترجمة الوحدة الأنطاكية.
وفي سبيل تفعيل العمل الرعائي أقر المجمع:
1)الإغاثة: دعم وتطوير دائرة التنمية العاملة اليوم في البطريركية في مجال الإغاثة والتنمية، شاكرا جهودها وطريقة عملها التي أدت إلى نيلها جائزة عالمية في الشفافية من قبل هيئة الأمم المتحدة وثناءات مختلفة من جهات أخرى. كما وجه إلى ضرورة توسيع مجال عمل هذه الدائرة بحيث يطال، إلى جانب كل من تخدمهم اليوم دون تفريق، كل أبنائنا الذين يعانون أنواع الضيقات المختلفة على مدى رقعة الكرسي الأنطاكي.
2) إنشاء مركز إعلامي بطريركي باسم "المركز الأرثوذكسي الأنطاكي للاعلام" يتجاوب مع مستلزمات الإعلام السريع والفعال وينقل البشرى السارة وأخبار البطريركية إلى العالم بلغة العصر.
3)إنشاء "قاعدة البيانات الرعائية" التي تهدف إلى جمع ما أمكن من المعلومات حول الطاقات الأرثوذكسية العاملة، لوضعها في قاعدة بيانات حديثة تسمح بالتواصل مع المؤمنين للاستفادة من قدراتهم، ودعوتهم ليخدموا الكنيسة والمجتمع وفق ما تسمح به مواهبهم ومؤهلاتهم العلمية.
4) كذلك قرر المجمع إعلان يوم الأحد الواقع فيه 15 أيلول 2013 يوم تضامن أنطاكي من أجل دعم العمل الإغاثي في الكرسي الأنطاكي. طالبا من جميع المؤمنين في بلدان الوطن والانتشار المساهمة بكرم تعبيرا عن محبتهم لإخوة يسوع الصغار المحتاجين للافتقاد.
انتخب آباء المجمع المقدس الأسقف أفرام معلولي (أسقف سلوقية) وكيلا بطريركيا، وعينه أمينا لسر المجمع المقدس ورئيسا لأمانة السر فيه. سجل المجمع شكره للوكيل البطريركي السابق الأسقف غطاس هزيم (أسقف قارة) على خدمته خلال السنوات الماضية.
كذلك توقف آباء المجمع عند الأزمة التي نشبت مع البطريركية المقدسية وأكدوا على وضوح الموقف الأنطاكي. وفي هذا المجال استعرض المجمع الرسائل المتبادلة بين البطريركيتين، ثم شرح غبطته آخر مستجدات هذه القضية على ضوء اللقاء مع قداسة البطريرك المسكوني، السيد برثلماوس، أثناء زيارة غبطته إلى اسطنبول. فقرر المجمع قبول مبادرة البطريركية المسكونية لعقد لقاء ثلاثي بين البطريركية الأنطاكية وبين البطريركية المقدسية وبحضور البطريركية المسكونية، في أثينا يوم الجمعة الواقع فيه 21/ 6/ 2013.
أكد آباء المجمع رفضهم المطلق لاعتماد العنف وسيلة في التعاطي مع الشأن السياسي وخاصة في سوريا ولبنان والعراق وفي أي من البلدان الواقعة في المدى الأنطاكي، وفي العالم بشكل عام. وشددوا على رفضهم أن يسْتعمل الدين للتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، داعين إلى تضافر جهود المسؤولين من مختلف الأديان للاعلان أن الله لا يرتضي أن يقْهر الإنسان ويعْتدى عليه لأي سبب كان، مطالبين بوقف النزف الدموي الناتج عن الاستغلال السياسي للدين. كذلك دعا آباء المجمع الأسرة الدولية للتكاتف من أجل الحد من استعمال السلاح ومن أجل ترجيح الحوار. كما وجهوا نداء لاستنهاض ذوي النيات الحسنة من أجل لعب دور ملموس في مد الجسور بين أبناء الوطن الواحد، والعمل على ترسيخ روح المواطنة والمسؤولية الجماعية لوقف العنف ولتطوير التنمية الإنسانية والاقتصادية. وأعلن المجمع المقدس رفضه التعرض للأشخاص، مهما كان موقعهم، سواء بالخطف، أو بالتنكيل، أو بالقتل. فلا بد لصورة الإنسان أن تحْترم وتصان، مطالبا بالإفراج عن كل المخطوفين، وعلى رأسهم المطرانان بولس ويوحنا، والكاهنان وسائر المخطوفين الآخرين. هنا توجه المجمع المقدس إلى أبنائه في حلب، والذين يحزنهم غياب رعاتهم، شاملا إياهم برعايته الأبوية ومؤكدا لهم على بذل كل جهد من أجل إطلاق سراح المطرانين وكل المأسورين، واستعداده لخدمتهم وتقديم الدعم المطلوب لهم في كل ما يحتاجون إليه، وخاصة في الظروف العصيبة التي تمر بها مدينتهم.
وشدد المجمع المقدس على ضرورة السعي لإحلال السلام في رحاب سوريا الحبيبة عبر الحوار والحل السياسي حتى تعود موئلا للتعايش والتعبير عن الإرث الحضاري الذي طالما تميزت به. كما دعا إلى العمل الدؤوب ليحافظ لبنان العزيز على خصوصيته في التنوع، فلا يكون الفراغ الدستوري، أو تشتت المسؤولية في لبنان، سببا لعدم استقراره وأمنه. ورأى المجمع المقدس أن القهر الذي يلحق بفلسطين منذ أكثر من ستين سنة هو أمر غير مقبول، وأنه لا بد من أن تتابع الجهود الدولية والمحلية وتعود هذه الأرض أرض لقاء لكل الطيبين في العالم.
أكد الآباء أخيرا، أن المجمع الأنطاكي المقدس يرفض المنطق الأقلوي الذي يسعى البعض للتشديد عليه. فالمسيحيون جزء مكون لهذا المشرق وهم متمسكون بالهوية المشرقية، وهم ليسوا بحاجة إلى حماية حتى يبنوا مع شركائهم في المواطنة مستقبل بلادهم وشعوبها.
كما درس المجمع المقدس بعض المستجدات الواردة إلى البطريركية وأهمها موضوع المجالس الأسقفية في بلاد الانتشار.
اختتم المجمع الأنطاكي المقدس دورته هذه بالصلاة متضرعا إلى الله ليحفظ كنيسته، رعاة وشعبا، في الوطن والانتشار، ويظللها ببركاته ورحمته، ولينعم على المنطقة بأسرها بالسلام".