انعقد المجمع الأنطاكي المقدّس برئاسة غبطة البطريرك يوحنا العاشر (يازجي) في دورته العادية الرابعة في السابع من شهر تشرين الأول للعام 2014 وحضور كلّ من أصحاب السيادة:
اسبيريدون (أبرشيّة زحلة وتوابعها)، جاورجيوس (أبرشيّة جبيل والبترون وتوابعهما)، يوحنا (أبرشيّة اللاذقية وتوابعها)، الياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، إيليّا (أبرشيّة حماه وتوابعها)، الياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما) ، سابا (أبرشيّة حوران وجبل العرب)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة بوينس آيرس وسائر الأرجنتين)، باسيليوس (أبرشية عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية) واسحق (أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى).
وشارك الوكيل البطريركي الأسقف أفرام (معلولي) أمين سر المجمع المقدّس، مع كاتب المجمع الإيكونوموس جورج ديماس.
واعتذر عن الحضور كلّ من أصحاب السيادة: أنطونيوس (أبرشية المكسيك، فنزويلا، أميركا الوسطى وجزر الكاريبي)، سرجيوس (أبرشية سانتياغو وتشيلي)، دمسكينوس (أبرشية ساو باولو وسائر البرازيل)، بولس (أستراليا ونيوزيلاندا)، جوزيف (أبرشية نيويورك وسائر أميركا الشمالية). وقد حضر المطران بولس (أبرشيّة حلب والاسكندرون وتوابعهما)، المغيّب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.
أطلع صاحبُ الغبطة الآباءَ على زيارته الرعائية لمنطقتي وادي النصارى وصافيتا وقضائها في أبرشية عكار، حيث تسنّى له أن يلتقي بأبنائه ويطّلع على تطلّعاتهم وهمومهم وشجونهم.
وقد عبر صاحب الغبطة عن سعادته الكبيرة وفخره بأبنائه الذين يشهدون للمسيح القائم من الموت في هذه البقعة من العالم، وينقلون الإيمان من جيل إلى جيل بإخلاصٍ للتراث وانفتاحٍ على المستقبل، وتجذّرٍ في الأرض وتمسّك بقيم الإنجيل.
شكر صاحب الغبطة صاحبَ السيادة المطرانَ باسيليوس (عكار) والأساقفةَ والكهنةَ على رعايتهم المخلصة لأبنائهم في هذه المنطقة وجميع المؤمنين الذين تعبوا لإنجاح هذه الزيارة التي سمحت بلقاء الأب بالأبناء بجو من المحبة والإلفة والبساطة.
استعرض الآباء نتائج الحوار الأرثوذكسي- الكاثوليكي الذي انعقد في عمان الأردن في شهر أيلول المنصرم. وشدّدوا على ضرورة العمل الجاد لإزالة جميع العوائق التي تعترض هذا الحوار والوحدة المرجوة بروحٍ مُحبّةٍ ومُنفتحةٍ عَلَّ العالمَ المسيحي يستطيع أن يحقق صلاة السيّد " ليكونوا واحداً ".
كذلك اطّلع الآباء على عمل اللجنة التحضيرية للمجمع الأرثوذكسي الكبير التي انعقدت في المركز الأرثوذكسي في شامبيزي سويسرا في مطلع تشرين الأول ٢٠١٤، وأخذوا علماً بورقة العمل التي أعدتها حول علاقة الكنائس الأرثوذكسية مع العالم المسيحي.
تمنى الآباء في هذا الصدد، أن يُفعَّلَ العملُ التحضيري للمجمع الكبير من أجل شهادة أرثوذكسية واحدة في عالم اليوم المتعطش إلى كلمة حياة.
أخذ المجمع المقدس علماً بالتوّصيات التي رُفعت اليه من قبل اللجنة التي كلّفها بمراجعة أعمال المؤتمر الأنطاكي العام المنعقد في حزيران ٢٠١٤. وقرر تكليف صاحب الغبطة تشكيل لجنة متخصّصة لوضع استراتيجية علمية متوسطة الأمد، تأخذ بعين الاعتبار ما يمكن تنفيذه من التوصيات وفقاً للأوّلويات الأنطاكية، والموارد البشرية والمالية المتاحة، على أن تلحظ هذه الخطة المخاطر التي يمكن أن تعترض التنفيذ وسبل تلافيها.
تُعرض الخطة فور جهوزها على الأبرشيات لوضع الملاحظات عليها، ومن ثم يتم عرضها بصيغتها النهائية على الجلسة المجمعية القادمة لاتّخاذ ما يلزم بشأنها.
ولَمْ يَغِبْ همُّ إخوةِ يسوع الصغار عن آباء المجمع، الذين استعرضوا العمل الإغاثي الذي تقوم به البطريركية للتخفيف من وطأة هذه الأزمنة الرديئة على المحتاجين.
أثنى الآباء على الجهود التي تُبذَل في هذا المجال وباركوا الذين يقومون بها وشكروا الذين يمنحون بسخاء لمساعدة من قَسَت عليهم الظروف، ودعوا أبناءهم إلى التعاضد في ما بينهم للتخفيف من وطأة الأيام القاسية استجابة للوصية "احملوا بعضكم أثقال بعض".
وقرّر آباء المجمع المقدّس، في هذا الصدد، إجراء مسحٍ وإحصاءٍ كنسيٍ على صعيد الكرسي الأنطاكي في كافة الأبرشيات في الوطن وبلاد الانتشار بهدف رعاية أبنائهم والتواصل معهم بشكل أفضل.
استعرض الآباء واقع الأبرشيات ولاسيما أبرشية بغداد والكويت الشاغرة، وانتخبوا الأسقف غطاس هزيم متروبوليتاً على أبرشية بغداد والكويت وتوابعها.
كذلك انتخبوا الأرشمندريت غريغوريوس خوري عبدالله أسقفاً مساعداً لغبطة البطريرك بلقب أسقف الإمارات والأرشمندريت قيس صادق أسقفاً مساعداً للبطريرك بلقب أسقف أرضروم.
وتوقّف الآباء بأسى وأسف شديدين بشأن الغموض الذي ما زال يكتنف قضية المطرانين يوحنا (ابراهيم) وبولس (يازجي)، المخطوفين منذ سنة ونصف، وسط صمت العالم وتعاميه عن هذه القضية الإنسانية المُحقّةِ.
وفي هذا المجال، دعا الآباءُ المجتمعَ العالمي والعربي إلى العمل الجاد لكشف مصير المخطوفِين من مطارنة وكهنة وعسكريين ومدنيين.
وتوقف الآباء عند المآسي المستمرة التي تعصف بهذا الشرق والتي تحاول أن تمزّق نسيجه الاجتماعي وتطمس حضاراته الضاربة في القدم وتستعبد إنسانه للعنف والخوف والبؤس والجهل. فشددوا أن المسيحيين هم أبناءُ هذا المشرق وبناةُ حضارته وليسوا زوّاراً فيه أو طارئين عليه. وأكّدوا أنهم سيظلّون حاضرين فيه شهوداً لمسيحهم، لأنهم يؤمنون بأن الله حاضنُ الجميع وقادرٌ أن يقيمهم من هذه الوعورة التاريخية التي يمرّون بها.
كذلك ذكّر الآباءُ أبناءَهم بأن المسيح القائم من بين الأموات والغالب الموت بموته هو وحده الضمان الحقيقي لوجودهم ودعوهم ألا يقاربوا الأزمة التي تعصف ببلدانهم بمنطق طائفي أو أقلّوي، لأن هذه الأزمة ليست مواجهة بين أديانٍ، بَلْ بين مصالحِ عظماءِ هذه الأرض الذين يستخدمون الأديان مطيّة لأهوائهم، والأديان منهم براء.
وأكد الآباء أن الحضور المسيحي الفاعل في هذا الشرق يبقى حضوراً منفتحاً مع المسلمين في نضال مستمر معهم من أجل الحرية والسلام والمواطنة الحقّ وكرامة الإنسان ونموه، حضوراً ينبذ التطرّف والإرهاب ويتشبث بهذه الأرض التي جبلت بدماء أبنائها المخلصين وروّتها دماءُ القدّيسين الذين عاشوا فيها. وينوّهون بالمواقف الصادرة مؤخّراً عن عقلاء المسلمين، ويدعون هؤلاء إلى ضرورة بلورة تعليم واضح يعترف بحرّية الأديان.
وصلّى الآباء من أجل سوريا ولبنان. وناشدوا المجتمع الدولي العملَ الجاد على إحلال السلام في سوريا التي يدفع إنسانها ضريبةً باهظة للغة المصالح وللغة القتل والإرهاب والتكفير. وناشدوا نواب الدولة اللبنانية بأن ينتخبوا رئيساً للجمهورية يسهر على انتظام العمل الدستوري فيها. وصلّوا من أجل أن تحل لغة السلام محل لغة الصدام في العراق ومصر وفلسطين وفي كلّ بقعة من هذا المشرق.
ولم يغِب عن الآباءِ الحضور الأنطاكي في ربوع العالم الغربي وعبّروا عن تقديرهم لشهادتهم الحيّة والمستمرّة والمتجذّرة في أوطانهم، لا سيما تضامنِهم مع إخوتهم في الشرق فيما يعصف بهم من ظروفٍ دقيقةٍ ومصيريةٍ.
وأثنى الآباء على الروح الواحد الذي يجمع الكلَّ وعلى العملِ البنّاءِ الذي فيه يتجلّى التكامل الروحي والإنساني والحضاري بينهم.
عن موقع البطريركية