Balamand Monastery

Patristic texts on the Dormition Feast

 رقاد والدة الإله

السيدة لميس نايفة - محمود الزيباوي

الأيقونة من الحجم الكبير، طولها 164 سنتمترا، وعرضها 120 سنتمترا، وهي مؤرَّخة، وتاريخها مذكور. الإهداء مدوّن على شريط  أحمر في الجزء الأسفل من اللوحة: "وكان المهتم بعمل هذه الأيقونة المكرمة أب الأباء الجزيل قدسه السيد البطريرك كير ناوفيطس الأنطاكي. صورها بيده الفانية العبد الخاطي نعمة الله ابن المرحوم الخوري يوسف المصور سنة 7190". ويوافق هذا التاريخ عام 1682 للميلاد. لا تحمل هذه الأيقونة عنوان موضوعها، وهو في التقليد ΚΟΙΜΗΣΗ ΤΗΣ ΘΕΟΤΟΚΟΥ ويقابله بالعربيّة "نياح والدة الإله"، وهذا العيد هو آخر الأعياد الكبيرة في السنة الطقسيّة التي تنتهي في 31 آب.  

تبنّى نعمة الله التأليف الإيقونوغرافي التقليدي. في وسط الأيقونة، يظهر المسيح ضمن هالة بيضويّة ذات خلفيّة غامقة اللون. يرتدي المخلّص ثوباً ذهبيًّا يغطي كامل الجسد، ويرفع يديه باتّجاه اليمين، حاملاً بهما طفلاً صغيراً ملفوفاً بالبياض. تشعّ من المخلّص أنوار تضيء الهالة الكبيرة التي تلفّ قامته، ويحيط به اثنا عشر ملاكاً توزّعوا بشكل تعادلي من حوله: ستة يميناً، وستة شمالاً. في الصفّ الأول، يبرز ملاكان يرتديان ثوباً غامقاً يعلوه معطف فاتح، يحمل كلٍّ منهما شمعة مشتعلة. في الصف الثاني،  يظهر ملاكان بثياب مذهّبة يطبقان أيديهما فوق الصدر بشكل صليب، ويتبعهما ثمانية ملائكة توزّعوا على الجانبين، وهم ينحنون متضرّعين أمام السيّد. في المقابل، تظهر السيّدة مسجاة على سرير عريض مزخرف يعلوه مفرش أحمر، ملقية برأسها فوق وسادة مطرّزة بالذهب. تبدو العذراء وكأنّها نائمة، ويلفّ وجهها حالة من السلام والسكينة، ويداها مبسوطتان فوق صدرها بشكل صليب، وهي ترتدي ثوباً بنيًّا ومعطفاً مذهّباً وحذاء أسود. تضجع السيدة فوق نعش ملكي نُصب أمامه شمعدانان كبيران. بين هذين الشمعدانين، يظهر ملاك يرتدي ملابس جندي رافعاً بيمناه سيفاً مسلولاً، وبيسراه بيت السيف، ويواجهه رجلاً يعتمر قبعة سوداء، يرتدي ثوبا أحمر يعلوه معطفاً أسود. يبدو هذا الرجل جاثياً أمام النعش، رافعاً ذراعيه نحو الأعلى، ويداه مقطوعتان ظاهرتان بشكل منفصل.

تجتمع حول السرير كوكبة من القدّيسين المكلّلين بهالات من الذهب. عن يمين السيدة العذراء، نرى عشرة رجال تغطي وجوههم ملامح الحزن، وعلى هالة كلّ منهم كتابة بالعربيّة. يقف بطرس خلف هامة العذراء، حاملاً بيده مبخرة. ويظهر فيليبس إلى جواره، رافعاً يمناه نحو الأعلى. في الصف الثاني، نرى قدّيسَين يلبسان الحلة الأسقفيّة إلى جوار قدّيسَين يلبسان المعطف العادي. الأسماء المدوّنة فوق الهالات تعرّف بالشخصيّات الأربع. الأسقفان هما يعقوب أخو الربّ وديونيسيوس، والرسولان هما مرقص وبرنابا. يظهر ديونيسوس بشعر أسود وذقن طويلة، ويحمل بيده كتاباً مفتوحاً سُطّرت على صفحتيه كتابة بالعربيّة تقول: "السلام عليكي ايتها المنتقلة من الارض الى المنازل السماوية ارتحلي السلام عليك يا من جمعت موكب التلاميذ بسحابة خفيفة إلى مجمع واحد السلام عليك يا رجاء خلاصنا". في الصف الثالث، يحضر أربعة من الرسل وهم تباعاً برتلماوس، تداوس، لوقا، ويعقوب. يعلو هذا الصف فريق مؤلّف من ثلاث نساء تحوط برأس كلٍّ منهنّ هالة القداسة، وتخلو هذه الهالات من أيّ كتابة تعريف بشخصيّاتهنّ.

عن جهة اليسار، نرى مجموعة أخرى من القدّيسين اصطفوا في ترتيب مشابه. في الجهة المواجهة لبطرس، يقف بولس الرسول حاملاً بيمناه صكًّا مفتوحاً كُتب عليه: "افرحي يا أمّ الحياة يا سبب إنذاري لأنّني وإن كنت ما عاينت المسيح بالجسد إلا إنني إذا أبصرتك أتوهّم أنني أنظره هو". إلى جواره، يبدو يوحنا الإنجيلي منحنياً عند قدمي العذراء. في الخلف، يقف أونيسيموس، أندراوس، يعقوب، متى، تيطس، سيمن، طيمن، ومعهم الأسقف يِرُوثاوس في مواجهة الأسقف ديونيسيوس، حاملا بين يديه كتاباً مفتوحاً يقول نصّه: "أيتها العذرى التي سكن فيها حياة الكل إنني أبصرتك جهراً ممددة اليدين المنكبين وأنذهل يا طاهرة نقية". في أعلى هذا الصفّ، تظهر ثلاث قدّيسات بلا أسماء، يرفعن أيديهنّ المغطاة بالرداء، كما في الجهة المقابلة من التأليف.

في القسم الأعلى من الأيقونة، نقل المصوّر أحداثاً أخرى خاصّة بهذا العيد. من جهة اليسار،  نرى صخرة يعلوها بناء صغير كُتب فوقه بالخط العربي: "الجسمانية". تظهر العذراء ملفوفة بالأقمطة في قبر من الرخام الوردي. يلتف الرسل حول هذا التابوت. يظهر اثنان منهم وهما يحملان غطاءه، بينما يظهر ثلاثة من خلف رأس العذراء، وخمسة من الجهة الأخرى، وهم يقومون بمراسم التسجية. فوق هذا المشهد، يظهر الرسل مرة أخرى، وهم هنا موزّعون على اثنتي عشرة سحابة بيضاء. وأسماء تسعة منهم مدوّنة حول كلّ سحابة باللغة اليونانيّة على الشكل التالي:

 O  AGIOS  IΩΑΝΗΣ

O  AGIOS  FHLIPOS

O AGIOS  IAKWBOS  O  ZEBEDEOUYOS

O  AGIOS  IAKWBOS  TOU  ADELFAIOU

O  AGIOS  ANDREOS  O  APOSTOLOS

O  AGIOS  SIMWNOS  O  ZHLWTHS

O  AGIOS  QWMA  O  APOSTOLOS

O  AGIOS  PETROS  O  APOSTOLOS  O  AGIOS  BARQOLOMAIOS  O  APOSTOLOS  

وهم تباعاً: القدّيس يوحنا، القدّيس فيليبس، القدّيس يعقوب ابن زبدى، القدّيس يعقوب أخو الرب، القدّيس اندراوس الرسول، القدّيس سمعان الغيور، القدّيس توما الرسول، القدّيس بطرس الرسول، القدّيس بارثلماوس الرسول.

تشكّل السحب التي تحمل الرسل قوساً حول السماوات المنفتحة على شكل أنصاف دوائر تزيّنها شبكة من النجوم والشعاعات المذهّبة. تحضر الشمس الحمراء عن اليمين، ويحضر القمر الرمادي عن اليسار، ولكلّ كوكب وجه بشري. يحلّق في الأفق ملاكان مذهّبان يحمل كلّ منهما لوحاً مستطيلاً، وكأنهما يفتحان أبواب السماوات لاستقبال العذراء. تظهر السيدة من جديد، وهي وسط هالة بيضاويّة تلفّ قامّتها، على مثال تلك التي تلفّ قامة المخلص. يرفع هذه الهالة ملاكان طائران مفرودي الأجنحة، مشابهان للملاكين اللذين يفتحان أبواب السماء. يرافق السيدة اسمها باليونانية  ΜΡ- ΘΝ ، مريم والدة الإله. ترتدي مريم ثوباً ذهبيًّا ومعطفاً أحمر، عليه ثلاثة نجوم  توزّعت عند الرأس وعند أعلى الكتفين. وهي في وسط هذه الهالة البيضاوية ترنو إلى القدّيس توما وتمدّ له بيمناها زناراً مذهّباً يمسك هو طرفه بيديه.

تنقل هذه الأيقونة أحداث "رقاد السيدة" بحسب الرواية التي ثبّتها التقليد الشريف. لا نجد في العهد الجديد أيّ إشارة إلى موت العذراء وانتقالها. ولا تذكر أقدم الأناجيل المنحولة أيّ حديث عن نهاية مريم. تبقى أصول هذا العيد غامضة. يعتمد الحدث الذي كرّسته الكنيسة على تراث شفوي حفظته كتابات منحولة، منها: "رقاد مريم للمزعوم يوحنا[1]"، و"كتاب انتقال الكلّيّة القداسة العذراء أم الإله[2]" المنسوب إلى ميليتون، أسقف. شاعت هذه الكتابات، وتردّد صداها في القرن الثامن في عظات كبار القدّيسين التي خلّدت هذه الذكرى وثبّتتها. أشهر هذه الكتابات ثلاث عظات[3] كتبها يوحنا الدمشقي في النصف الأول من القرن الثامن. تبرز الصلوات والتسابيح الطقسيّة العناصر الأساسيّة للعيد وتعبّر عن دلالاتها ومعانيها العميقة: ذاقت والدة الإله الموت وأودعت القبر، ورقدت، "لكن بما أنّها أمّ الحياة، نقلها إلى الحياة الذي حلّ في مستودعها الدائم البتولية[4]".

يختصر" كتاب السواعي الكبير" ما تسلّمته الكنيسة من الأخبار المتداولة عن رقاد والدة الإله بما يأتي: "وهو أنّه لمّا حان الزمن الذي سرّ فيه مخلّصنا أن ينقل إليه والدته، أرسل إليها ملاكاً قبل ذلك بثلاثة أيام ليخبرها بقرب انتقالها من هذه الحياة الزائلة إلى الحياة الأبديّة المغبوطة. فلمّا سمعت هي بذلك صعدت بسرعة إلى جبل الزيتون الذي كانت تذهب إليه كثيراً للصلاة وأدّت الشكر لله، ثم عادت راجعةً إلى بيتها. وأخذت تهيّئ ما يقتضي للدفن، وفيما هي على هذه الحال، اختطفت الرسلَ سحبٌ من أقاصي الأرض، كلّاً منهم من حيث كان يكرز بالبشارة، وأحضرتهم إلى بيت والدة الإله، فأخبرتهم بسبب جمعهم بغتة، وعزّتهم بمثابة أم عن الحزن الذي اعتراهم لا محالة. ثم رفعت يديها إلى السماء، وتضرّعت من أجل سلامة العالم وباركت الرسل. وأخيراً اضطجعت على سريرها، وجعلت جسدَها على الًهيئة التي شاءت، وهكذا أسلمت روحها الفائقة القداسة في يدي ابنها وإلهها. أمّا الرسل فرفعوا السرير الذي كان عليه جسدُها المتقبّل الإله بورعٍ عظيم، ومصابيحَ كثيرة، مرتّلين نشائد التجنيز. وحملوه إلى القبر، وكانت الملائكة إذ ذاك ترتّل معهم من السماء مشيّعين من هي أعلى من الشيروبيم. وإذ تجاسرَ أحدُ اليهود حسداً أن يمدّ يديه على ذلك السرير بوقاحةٍ، نالهُ في الحال من لدنِ القضاء الإلهي ما كانت تستوجبه وقاحته من القصاص، فإنّ يديه الجريئتين قطعتا بضربةٍ لم تُرَ. ولمّا وصلوا إلى القرية التي تُدعى الجسمانية، دفنوا هناك ذلك الجسد الفائق الطهارة، ينبوع الحياة بوقارٍ عظيم. وفي اليوم الثالثِ من دفنها اجتمعوا لتعزية بعضهم بعضاً. ولما رفعوا جزء الربّ يسوع المسيح كعادتهم، ظهرت والدة الإله في الهواء قائلة لهم: سلام لكم. فتيقّن الرسل من ذلك بأنّ والدة الإله انتقلت إلى السماء بالجسد[5]".

تجمع أيقونة رقاد السيدة فصول هذا الحدث تحت سماء واحدة. تغيب المسافة التي تفصل بين مراحل القصّة، تبعاً لأسلوب يُعرف بـ"الأسلوب المتواصل". يظهر الرسل حول السيدة، ويظهرون مرة ثانية فوق السحب، كما يظهرون مرة ثالثة وهم يقومون بدفن السيدة في الجسمانيّة. في المقابل، تظهر والدة الإله ممدّدة على قبرها، وتظهر ثانية في أعلى السماء. تشكّل قامة العذراء الخط الأفقي الأوسط لهذا التأليف، وتشكّل قامة المسيح المنتصب وقوفاً أمامه الخط العمودي الأوسط. يرتّل المصلون في خدمة هذا العيد: "يا له من عجب مستغرب إنّ ينبوع الحياة قد وُضعت في قبر واللحد صار سلّما مصعدة إلى السماء. فافرحي أيّتها الجسمانيّة الخدر المقدس الذي لوالدة الإله[6]".  يظهر الرسل على السحب في القسم الأعلى من الأيقونة، ويعبّر هذا المشهد عن قول خدمة تقدمة العيد: "إنّ أخصّاء الكلمة، قد اختطفوا طائرين في السحب، كنسور مجنّجة، ووافوا نحو الجسمانية، مرتّلين لك إذ كنت مزمعة أن تنتقلي إلى السماء، فباركتهم كأولاد لابنك[7]". وفي خدمة العيد: "يا والدة الإله أمّ الحياة، إنّ السحب في حين رقادك المنزّه عن الموت، قد اختطفت الرسل إلى الأفق، وبعد أن كانوا مشتّتين في العالم، جمعتهم مصفّا واحداً لدى جسدك الطاهر، الذي لما أضجعوه بوقار، رتّلوا بلهجة غفرئيل قائلين: افرحي أيتها الممتلئة نعمة، الأم البتول التي لا عروس لها الرب معك. فمعهم ابتهلي إليه بما أنّه ابنك وإلهنا أن يخلّص نفوسنا[8]".

تحمل السحب الرسل إلى الجسمانية حيث يجتمعون حول قبر السيدة، بينما ينزل السيد من السماء ليتلقّى نفس والدته. يصطفّ الملائكة حول السيد، ويشكّلون جوقة أخرى تشارك في هذا التسبيح، كما تقول خدمة العيد: "إنّ الرسل المتوشحين بالله، قد جُذبوا من كل الجهات مرتقين على السحب بالإشارة الإلهية. وأقبلوا نحو مقامك الكلي الطهر وعنصر الحياة ليصافحوه بتعظيم. أما القوات السماوية الفائقة السمو، فقد أتوا مع سيدهم الخاص. ليشيّعوا الجسم القائم الإله والفائق الكرامة مشمولين بالمهابة، فكانوا يتقدّمونه بما يفوق العالم. ويهتفون بحال غير منظورة نحو رؤساء المراتب العُلْوية قائلين: هوذا ملكة الكل الفتاة الإلهية قد أقبلت[9]".

يجتمع الرسل في فريقين حول التابوت الملكي، وتبدو على وجوههم علامات الحزن، كما في نصّ خدمة تقدمة العيد: "أيتها الطاهرة، إن مساري الكلمة، قد اعتراهم الذهول والدهشة، لمّا شاهدوك مائتة وعادمة الصوت[10]"، "إن محفل الرسل قد انتحب نادباً وذرف دموعاً منسجمة، لمّا شاهد نفسك المقدّسة مفارقة جسدك القابل الإله، فسبّح كما يليق بالله رقادك الإلهي[11]". ويقابلها في تذكار العيد: "أحدق الرسل بسريرك ناظرين إليك برعدة. فبعضهم تأمّل بالجسد واعتراه الذهول. وأمّا بطرس فهتف نحوك بعبرات قائلا:  أيّتها البتول إني أراك جلياً ملقاة طريحة، يا حياة الكل فأندهش[12]".

يحمل السيد بين يديه طفلاً مدثراً بالبياض يرمز إلى نفس العذراء الطاهرة، ويقابل هذه الصورة قول خدمة تقدمة عيد رقاد والدة الإله: "لمّا أستودعت نفسك بيديّ الذي تأنّس منك لأجلنا، بما أنّه إلهك ومبدعك، نقلك إلى الحياة العادمة الفساد[13]". وقول خدمة العيد: "إنّ التي هي أسمى رفعة من السماوات، وأرفع مجداً من الشاروبيم، والأكثر كرامة من كلّ خليقة، الصائرة لأجل سموّ طهارتها أناءً للجوهر الإلهي، اليوم تودع نفسها الكلية القداسة في يديّ ابنها، فتمتلئ معها كلّ البرايا فرحاً، وتمنح لنا الرحمة العظمى[14]". تشهد القوات السماويّة هذا الحدث مع الرسل، وتشكل معهم جوقة واحدة: "أيّتها السيدة، إنّ مواكب الملائكة من العلاء ومحافل المتكلّمين بالإلهيّات قد أقبلوا من الأقطار إلى صهيون، بالإشارة الكلّيّة الاقتدار، ليخدموا دفنك بحسب الواجب[15]". "إنّ قوات الملائكة انذهلوا لما شاهدوا في صهيون سيّدهم الخاص ضابطاً بيديه نفساً نسائيّة. لأنّه قد خاطب التي ولدته بطهارة كما يليق بابن قائلا: هلمّي أيّتها العفيفة لتتمجّدي مع ابنك وإلهك[16]".

ينضمّ إلى هذا الجمع ثلاثة أساقفة، هم: يعقوب أخو الرب، ديونيسيوس ويِرُوثاوس، وحضورهم في الأيقونة ليس استثنائيًّا. كان يعقوب أوّل أساقفة أورشليم، واسمه مذكور في خدمة العيد: "يا والدة الإله البتول لما انتقلت إلى المولود منك ولادة لا تُفسّر، كان حاضراً يعقوب أخو الرب وأوّل رؤساء الكهنة، وبطرس الهامة المكرّمة وزعيم المتكلمين باللاهوت. مع سائر مصاف الرسل الإلهي ناطقين جليًّا بأقوال إلهيّة مسبّحين السرّ الإلهي المذهل، سرّ تدبير المسيح الإله. ومجهّزين بفرح جسمك الذي هو مبدأ الحياة والقابل الإله يا كلّيّة التمجيد. وأمّا القوات الملائكيّة الكلّيّو القداسة والتقدّم فقد تطلّعوا من العلاء مندهشين من العجب وقائلين بعضهم لبعض: ارفعوا أبوابكم وتقبلوا والدة صانع السماء والأرض ولنقرّظ بأناشيد التماجيد جسدها الشريف المقدّس الذي وسع الرب غير المنظور منا[17]". يقف ديونيسوس إلى جانب يعقوب، وهو ديونيسوس الأريوباجي القدّيس الشهيد في الكهنة، وتذكاره في الثالث من شهر تشرين الأول. "يذكر التراث أنّه صار أسقفاً على أثينا، وربما الأسقف الأوّل"، "ويذكر أيضاً أنّه حضر بالروح القدس إلى أورشليم يوم رقاد والدة الإله[18]". يحضر يِرُوثاوس في الجمعة المقابلة، وتذكاره في الرابع من شهر تشرين الأول، و"هو الأسقف الثاني وربما الأوّل لمدينة أثينا. كان صديقاً للقدّيس ديونيسوس الأيوباجي وعضواً مثله في الآريوباغوس، أي في الهيئة العليا التي كانت تنظر في القضايا الجنائزية. ويقال إنّه هو الذي رعى القدّيس ديونيسوس على الأسرار الإلهية. ويقال إنّه حضر مع سائر الرسل في انتقال والدة الإله وشيّعها بالتسابيح[19]". في العظة الثانية في رقاد السيدة، يشير القدّيس يوحنا الدمشقي إلى حضور ديونيسوس الأريوباجي وتيموثاوس أسقف أفسس إلى جانبي الرسل[20]. تتردّد هذه الأسماء في الخدمة الخاصّة بديونيسوس: "في انتقالك الموقّر أيتها البتول الكلّيّة القداسة، كان ديونيسيوس حاضراً مع يِروُثاوس وتيموثاوس الإلهي وزمرة الرسل، وكلّ منهم كان ينشد تسبيحاً مقدّماً لتذكارك[21]". كذلك تذكر الخدمة الخاصّة بالقدّيس يِروُثاوس مشاركة الأسقف في هذا الحدث: "عند انتقال أم الكلمة إلى مساكن الراحة التي هناك، مثلت لديها وقتئذ يا يِروُثاوس مع سائر الرسل. مزوّدا إياها بالتسابيح[22]".

إلى جانب الرسل والأساقفة الثلاثة، يحضر جمع من النساء، وهنّ ستّ: ثلاث منهنّ على اليمين، وثلاث على اليسار. وقد أعطى الرسام لكلّ منهنّ هالة القداسة، لكنّه لم يسمّ أيًّا منهنّ. تتحدّث رواية "رقاد مريم للمزعوم يوحنا" عن "ثلاث عذارى قدّيسات كنّ يخدمن مريم ويعتنين بما يخصّها[23]". ويذكر نصّ خدمة العيد مشاركة جمع من العذارى في تسبيحة التنجيز: "أيّتها العذارى الحدثات، هلّلن الآن مع مريم النبيّة تسبيحة التجنيز، لأنّ البتول ووالدة الإله وحدها تجتاز إلى النهاية الأبديّة[24]"، "أيّها الأحداث والعذارى، الشيوخ والرؤساء، والملوك مع القضاة، أكرموا تذكار البتول أمّ الإله، مرنّمين مباركّ أنت يا ربّ إله آبائنا[25]".

في الجزء الأسفل من الأيقونة، يظهر ملاك يقطع بسيفه يدي رجل يعتمر قبعة سوداء، وهو اليهودي الذي أراد أن يسيء إلى الجماعة المسيحية الأولى بتعطيل دفن السيدة، فاقترب من نعشها محاولا قلبه، فنزل الملاك إليه وقطع يده. ترد هذه القصة في "رقاد مريم للمزعوم يوحنا[26]"، كما في عظة يوحنا الدمشقي الثانية[27] في رقاد السيدة (13). وتشير إليها بشكل مختزل خدمة العيد: "إن القضاء قد بادر فقاصّ يديّ الوقح بالحدّ على إهانتهما، وذلك كي يحفظ الله بمجد لاهوته الإكرام للتابوت الناطق، الذي فيه صار الكلمة لحماً[28]".

رقدت السيدة، وجرى دفنها في بستان الجسمانية، ويظهر هذا المشهد في  طرف القسم الأعلى من الأيقونة حيث نرى الرسل وهم يودعون مريم في القبر. تشير خدمة تقدمة العيد إلى هذا الحدث بشكل جليّ: "أيّتها النقيّة وحدك، لقد تجاوزت نواميس الطبيعة بولادتك، وإنك تركضين بحسب الناموس البشري[29]". ويتكرّر هذا التأكيد في خدمة العيد: "أيتها النقية، بما أنّك برزت من  صلب مائت، فقد قضيت  بحسب سنّة الطبيعة[30]"، "إنّه لعجب مدهش، أن تشاهد سماء ملك الكل الناطقة، مجتازة  كهوف الأرض[31]"، "إن مصفّ الرسل قد دفنوا جسمك القابل الإله، ناظرين إليه باحتشام، وهتفوا بنغمات شجية قائلين: يا والدة الإله بما أنّك منطلقة إلى الأخدار السماويّة نحو ابنك، فأنت تخلّصين ميراثك دائماً[32]".

لبث التلاميذ أمام القبر ثلاثة أيام، وكانوا يصلون وهم يسمعون ترتيل الأناشيد. بعد أن صعدت بالنفس، صعدت والدة الإله بالجسد إلى السماء، وشهد توما هذا الصعود. بحسب رواية "رقاد مريم للمزعوم يوحنا" (41-42)، لم يحضر توما الرسول الجنازة، وبينما كان الرسل يصلّون مع الملائكة، وصل على سحابة، "وكان جسد الطوباوية مريم محمولا على أكتاف الملائكة، فصاح بهم أن يتوقّفوا، ليحصل على بركتها". وعندما وصل إلى الجسمانية، طلب من رفاقه بأن يلقي نظرة أخيرة على والدة الإله راقدة، وألحّ بطلبه، فرفع التلاميذ الحجر، "ودخلوا الكهف، ولم يجدوا فيه شيئا"، وظنّوا أنّ اليهود خطفوا الجثمان ليصنعوا به ما يشاؤون، فقال لهم توما: "لا تحزنوا، يا إخوتي، فعندما وصلت من الهند على سحابة، رأيت الجسد المقدّس يرافقه عدد كبير من الملائكة، وكان يصعد معهم بفوز في السماء، وطلبت، بصيحات عظيمة، أن تباركني الطوباوية مريم، فأعطتني هذا الحزام[33]".

في القسم الأوسط من الجزء الأعلى، يظهر توما وهو يتسلم من العذراء حزامها. تصعد مريم وسط هالة من النور إلى الأخدار السماويّة، وتفتح لها الملائكة أبواب "المساكن الملكيّة". تؤكّد خدمة تقدمة العيد انتقال السيدة بالجسد إلى السموات: "أيتها الكليّة النقاوة، إنك ولئن متّ، فقد ارتقيت  بعد إلى المساكن الخالدة[34]"، "إن جسدك قد صعد من القبر، وأبقى لنا فيه البركة[35]". يتكرّر المعنى ويجد تعبيره الأقوى في قنداق العيد : "إن والدة الإله التي لا تغفل في الشفاعات، والرجاء غير المردود في النجدات، لم يضبطها قبر ولا موت، ولكن بما أنّها أمّ الحياة، نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مستودعها الدائم البتوليّة[36]".


 عظةٌ عن رقاد والدة الإله الفائقة القداسة

للقدّيس يوحنّا كرونشتادت

 "عظّمي يا نفسي انتقال والدة الإله المكرّم من الأرض إلى العلاء" (تعظيمةٌ من الأودية التّاسعة)

 

لنبتهج يا إخوتي وأخواتي الأحبّاء، كوننا ننتمي إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة المقدّسة ونعظّم سيدّتنا والدة الإله الكلّيّة القداسة في هذا اليوم العظيم من بين أيّام السّنة كلّها، بوقارٍ منقطع المثيل. ثمّة في العالم مجتمعاتٌ كثيرةٌ وحكوماتٌ برمّتها ممّن لا يأخذون بعين الاعتبار حاجة وواجب الدّعوة لتكريم أمّ ربّنا وإلهنا يسوع المسيح، ملكة السّماء والأرض، إضافةً إلى قدّيسين وملائكةٍ آخرين، وذلك لخدمتها بتواضعٍ ومحبّةٍ كوالدة الإله حقّاً. كذلك ثمّة هذه الأيّام، وللأسف، هراطقةٌ (بيننا) في روسيا يهينون بشكلٍ ناشطٍ والدة الإله والقدّيسين، مع أيقوناتهم وذخائرهم وأعيادهم. آه لو أنّهم فقط يجلّون معنا بإجماعٍ ملكة السّماء والأرض المستحقّة!

تقرّظ الكنيسة المقدّسة اليوم بجللٍ رقاد والدة الإله أو انتقالها من الأرض إلى السّماء. انتقالٌ عجيب! لقد رقدت بسلامٍ دون أن يصيبها أيّ مرضٍ خطير، ورَفَعت يَدَا ابنِها الإلهيّتين روحَها، حاملتين إيّاها إلى الخدر السّماويّ، محاطةً بترتيل الملائكة العذب. ثمّ نقل الرّسل جسدها الكلّيّ النّقاوة إلى جسثمانيّة حيث دُفِن كما يليق، وقام في اليوم الثّالث ورُفِع إلى العلاء. يمكنكم أن تَرَوا ذلك في أيقونة رقاد والدة الإله، ففيها جسد والدة الإله الحامل الحياة محاطٌ بالرّسل ورؤساء الكهنة، والرّبّ في وسط الأيقونة يحمل بين يديه نَفْسَ والدة الإله الكلّيّة النّقاوة. إنّ انتقال والدة الإله أنموذجٌ عن انتقال نفوس المسيحيّين بشكلٍ عامٍّ إلى العالم الآخر.

نقول إنّ أمواتنا "رقدوا" أو "انتقلوا"؛ إلامَ يشير ذلك؟ هذا يشير إلى أنّه ما من موتٍ بالنّسبة للمسيحيّ، فالمسيح قهر الموت على الصّليب. لكن ثمّة انتقالٌ، أي إعادة ترتيبٍ لحالته، ما يعني أنّ روحه تكون في مكانٍ آخر، وزمنٍ آخر، وعالمٍ أبديٍّ آخر لا نهاية له يتخطّى القبر؛ وهذا هو المقصود بكلمة "رقاد". إنّه كحلمٍ مؤقّتٍ سيعيش بعده الأموات جميعهم بصوت الرّبّ وبوق رئيس الملائكة الرّهيب والبديع، ويخرجون كلٌّ إلى موضعه: إمّا إلى قيامة الحياة أم إلى قيامة الدّينونة (يوحنّا 29:5). هذا ما يقصده المسيحيّ بالانتقال. وينبغي لنا أن نكون مستعدّين للانتقال هذا، يوم القيامة العامّة والدّينونة، اليوم العالميّ الّذي يفوق الوصف، المـُدوَّن في الكتاب المقدّس.

إنّ هذا التّهيّؤ للقاء الملك السّماويّ بعد الموت أمام كرسيّ الدّينونة المرهوبة، هو أساساً استعداد الشّخص خلال حياته كلّها. ويعني هذا التّحضّر تغييراً في جميع أفكاره، والتّغيير الأخلاقيّ في كلّ كيانه، كي ما يصير الإنسان برمّته نقيّاً وأبيض كالثّلج، ويغسل مطهّراً كلّ ما يدنّس الجسد والرّوح، فيتزيّن بكلّ فضيلة: التّوبة، الوداعة، التّواضع، اللّطف، البساطة، العفّة، الرّأفة، التّقشّف، التّأمّل الرّوحيّ، المحبّة المتّقدة للرّب والقريب.

كما أنّ تهيّؤنا للقاء الملك السّماويّ، وميراث الحياة الأبديّة في السّماوات، يجب أن يبنى على الأمور هذه. فالملك السّماويّ يبتغي نفوساً مُزيَّنةً بفيضلةٍ ثابتةٍ، مستعدّةً كي ما يبقى الرّبّ نفسه فيها. لا تتعجّبوا من أنّ الرّبّ ذاته يريد أن يسكن فينا. النّفس البشريّة في الواقع أرحب من السّماوات والأرض، فهي على صورة الله. وإن أزال أحدٌ الخطايا من النّفس، عندها سيحلّ ربّ الكلّ فيها ويملؤها من نفسه. فالرّبّ يقول عن النّفوس الّتي تحبّه: "إِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً" (يوحنّا 23:14).

بالتّالي أنتم المشتركين في الأعياد المسيحيّة، وخاصّةً في عيد رقاد والدة الإله الحاضر، والمتزيّنين بإشعاعٍ بكلّ فضيلةٍ، والمنتقلين إلى الأخدار السّماويّة، إلى ابنها وإلهها، أذيعوا للكلّ ليحضّروا نفوسهم كي تكون مسكناً للرّبّ. أخبروهم كذلك عن التّوبة المستمرّة، وعن التّزيّن بالفضيلة المسيحيّة الّذي لا يبلى. ليكن أمواتكم أيضاً دون خزيٍ أو اضطرابٍ، بمثابة عهدٍ لجوابٍ حسنٍ أمام كرسيّ الدّينونة المرهوبة. آمين.



[1] -الرؤى المنحولة، ترجمة اسكندر شديد، دير سيدة النصر، نسبيه، غسطا، 1999، 27-68.

[2] - الرؤى المنحولة، 69-80.

[3] - القديس يوحنا الدمشقي،عظات في ميلاد السيدة ورقادها، دير سيدة حماطورة، كوسبا، 1997.

[4] - تذكار رقاد والدة الإله، قنداق، ميناون 3، 321.

[5] -السواعي، ص 458-459.

[6] -تذكار رقاد والدة الإله، البروصومية الأولى في صلاة المساء الكبرى، الميناون 3، 312.

[7] - تقدمة عيد رقاد والدة الإله، السحر، الأودية السادسة، الميناون 3، 309.

[8] - تذكار رقاد والدة الإله، ذكصا الاينوس في السحر، ، الميناون 3، 325.

[9] - تذكار رقاد والدة الإله، ذكصا كانين في صلاة المساء،  ميناون 3، 313.

[10] - تقدمة عيد رقاد والدة الإله، الأودية الرابعة في صلاة السحر، ميناون 3، 308.

[11] - تقدمة عيد رقاد والدة الإله، الأودية السادسة في صلاة السحر، ميناون 3، 309.

[12] - تذكار رقاد والدة الإله، ايذيومالا باللحن السادس في صلاة السحر، ميناون 3، 318.

[13] - تقدمة عيد رقاد والدة الإله، كاثسما في صلاة السحر، ميناون3، 308.

[14] - تذكار رقاد والدة الإله، الليتين في صلاة المساء، ، ميناون 3، 325.

[15] - تذكار رقاد والدة الإله، الأودية الثالثة من القانون الثاني في صلاة السحر، ميناون 3، 319.

[16] - تذكار رقاد والدة الإله، الأودية التاسعة من قانون آخر في صلاة السحر، ميناون 3، 324.

[17] - تذكار رقاد والدة الإله، ذكصا كانين باللحن الرابع في صلاة المساء، ميناون 3،  316-317.

[18] - الأرشمندريت الراهب توما بيطار، سير القديسين وسائر الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية (السنكسار) 1، دير القديس سلوان الآثوسي، دوما، 1992، 185-186.

[19] -الأرشمندريت الراهب توما بيطار، سير القديسين وسائر الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية (السنكسار) 1، دير القديس سلوان الآثوسي، دوما، 1992، 162-163.

[20] القديس يوحنا الدمشقي،عظات في ميلاد السيدة ورقادها، دير سيدة حماطورة، كوسبا، 1997، 97.

[21] - تذكار القديس الشهيد في الكهنة ديونيسيوس الاريوباجيتي، للسيدة في صلاة السحر، ميناون 1، 117.

[22] - تذكار أبينا القديس ايروثيوس اسقف أثينا، اكسابستلاري في صلاة السحر، ميناون 1، 118.

[23] -"رقاد مريم للمزعوم يوحنا" (14)، الرؤى المنحولة، ترجمة اسكندر شديد، دير سيدة النصر، نسبيه، غسطا، 1999، 38-39.

[24] -  تذكار رقاد والدة الإله، الاودية الأولى في صلاة السحر، ميناون 3، 318.

[25] - تذكار رقاد والدة الإله، الاودية السابعة في صلاة السحر، ميناون 3، 322.

[26] - "رقاد مريم للمزعوم يوحنا" (23-24)، الرؤى المنحولة، 53-55.

[27] القديس يوحنا الدمشقي،عظات في ميلاد السيدة ورقادها، 85-86.

[28] - تذكار رقاد والدة الإله، الاودية الثالثة من القانون الثاني في صلاة السحر، ميناون 3، 319.

[29] - تقدمة عيد رقاد والدة الإله، الأودية السابعة في صلاة، ميناون 3، 310.

[30] -  تذكار رقاد والدة الإله، ارمس الأودية الثالثة من القانون الثاني في صلاة السحر، ميناون 3، 319.

[31] - تذكار رقاد والدة الإله، ارمس الأودية الرابعة من القانون الثاني في صلاة السحر ، ميناون 3، 320.

[32] - تذكار رقاد والدة الإله، الأودية التاسعة من القانون الأول في صلاة السحر، ميناون 3، 324.

[33] - الرؤى المنحولة، 59-60.

[34] - تذكار رقاد والدة الإله، الأودية الخامسة من القانون الثاني في صلاة السحر، ميناون 3، 309.

[35] - تذكار رقاد والدة الإله، الأودية السابعة من القانون الثاني في صلاة السحر، ميناون 3، 310.

[36] - تذكار رقاد والدة الإله، قنداق صلاة سحر، ميناون 3، 321.

 


Dormition (Keemeesis) of the Theotokos


Celebrated August 15

The dominions and the thrones, the rulers, the principalities and the powers, the cherubim and the fearful seraphim glorify thy Dominion (Vespers Sticheron, Tone 1).

The sacred Feast of the Dormition of the Theotokos marks her repose, which was followed by the translation of her sacred body three days later into heaven. This feast, therefore, marks her soul being commended into her Son's hands and the short sojourn of her body in the tomb. Unlike the Resurrection of Christ, the mysterious character of her death, burial, resurrection and ascension were not the subject of apostolic teachings, yet they were recorded by the tradition of the Holy Orthodox Church and writings of the Church Fathers.

The Dormition of the Theotokos took place while Apostle Thomas was preaching the gospel in India. The other Apostles had been caught up from various lands on the clouds of heaven, and were transported to Gethsemane, to the bier of the all-blessed Virgin. This was permitted by the will of God, so the faithful might be assured that the Mother of God was bodily assumed into heaven. For just as they were more greatly assured of the Resurrection of Christ, through the disbelief of Thomas, so did they learned of the bodily assumption into heaven of the all-pure Virgin Mary through the delay of Thomas.

On the third day after the burial St. Thomas was suddenly caught up in a cloud in India and transported to a place in the air above the tomb of the Virgin. From that vantage point, he beheld the translation of her body into the heavens, and cried out to her, "Whither goest thou, O all-holy one?" She removed her girdle and gave it to him saying, "Receive this, my friend." And then she was gone.

He then descended to find the other disciples keeping watch over the sepulchre of the Theotokos. He sat down beside them, with the girdle in his hand, greatly saddened that he had not been there when she reposed, as had been the other Apostles. Hence, he said, "We are all disciples of the Master; we all preach the same thing; we are all servants of the one Lord, Jesus Christ. How, then, is it that ye were counted worthy to behold the repose of His Mother, and I was not? Am I not an Apostle? Can it be that God is not pleased with my preaching? I beseech you, my fellow disciples: open the tomb, that I also may look upon her remains, and embrace them, and bid her farewell!"

The Apostles took pity on St. Thomas and opened the tomb. All were aghast when they found it empty, not realizing that moments before she had been bodily transported to paradise to be the mediatress of Christians. All that remained were her burial clothes, which emitted a wonderful unearthly fragrance.

The Feast's kontakion speaks of her as an unfailing hope and mediation, reminding us of her intercessory role in paradise. Neither the tomb nor death had power over the Theotokos, who is ever watchful in her prayers and in whose intercessions lies unfailing hope. For as the Mother of Life she has been translated unto life by Him Who dwelt in her ever-virgin womb.

Reference: The Life of the Virgin Mary, The Theotokos published by Holy Apostles Convent and Dormition Skete, Colorado USA, 1989, ISBN 0-944359-03-5

You are here: Home Patristic texts on the Dormition Feast