لم يكن يوم الثالث عشر من شباط يوماً عادياً في تاريخ دير سيدة البلمند البطريركي بكافة مؤسساته. فمع غروب شمس النهار أطل القمر الأنطاكي الجديد غبطة البطريرك يوحنا العاشر (يازجي) في زيارته الأولى بعد تنصيبه على عرش مدينة الله أنطاكية العظمى وسائر المشرق. أتى اليوم أباً للبيت الذي يجمع الأنطاكيين إكليروساً وشعباً فاستقبلته القلوب المؤمنة بمستقبل مشرق لكنيسة رعاها آباء عظام بدءاً بإغناطيوس الأنطاكي الأول مروراً بملاتيوس وبطرس الثالث وإغناطيوس الأنطاكي الرابع.
إذًا بحضور روحي وشعبي حاشد استقبل البلمند ومنطقة الكورة غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق كيريوس كيريوس يوحنا العاشر (يازجي). فعلى طول الطريق المؤدية إلى دير سيدة البلمند خرجت رعايا الكورة لتعبر عن فرحها العارم بقدوم الراعي الجديد، فكان للموكب وقفة في شكا حيث استقبله المؤمنون وقدموا له هديةً عكاز الرعاية.
وصل الموكب إلى البلمند على وقع قرع أجراس الدير مهللة "للآتي باسم الرب" وموسيقى الكشاف، وتراتيل جوقة معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي، ومشاركة السادة المطارنة الياس كفوري (صيدا وصور)، دامسكينوس منصور (البرازيل)، وبولس يازجي (حلب)، ، وباسيليوس منصور (عكار)، وافرام كرياكوس (طرابلس والكورة)، والأساقفة ايليا طعمة، وقسطنطين كيّال، ويوحنا هيكل، وافرام معلولي. وقد شارك أيضًا رؤساء ورئيسات الأديار الأرثوذكسيّة وممثلون عن الكنائس، نذكر منهم مطران طرابلس للموارنة جورج بو جودة ممثلاً البطريرك الراعي. كما وحضر وزراء ونواب وشخصيات سياسية وعسكريّة وتربوية عديدة نذكر منهم: رئيس جامعة البلمند الوزير السابق د. ايلي سالم، الوزير فايز غصن، العميد وليم مجلي ممثلاً دولة الرئيس عصام فارس، الوزير السابق يعقوب الصراف، والنواب د. رياض رحال، نضال طعمة، النائب السابق كريم الراسي، وقد شارك أيضًا العميد ريمون أيوب، ومحافظ الشمال السيد ناصيف قالوش، وقائمقام الكورة السيدة كاترين كفوري أنجول، ورئيسة المنطقة التربوية في الشمال السيدة نهلا الحاماتي نعمة، وحشود كبيرة من المؤمنين من مختلف الرعايا.
وفي كنيسة رقاد السيدة أقيمت الصلاة بمشاركة جميع المحتفلين لشكر الله على نعمه وعطاياه العزيرة. وألقى رئيس الدير وعميد المعهد الأسقف غطّاس هزيم كلمة رحّب فيها بصاحب الغبطة (أنقر هنا لقراءة الكلمة) وقدم له هدية عربون محبة وتقدير. البطريرك الجديد شكر صاحب السيادة وألقى بدوره كلمةً شدد فيه لى الحوار واللإيمان والعمل على وحدة الكنائس في الشرق: "من منطلق كوننا أكبر كنيسة مسيحية في المشرق العربي، سنكمل السعي الى الوحدة المنشودة بين المسيحيين كي نشهد معا للمسيح والكنيسة، وسنعمل مع شركائنا في الوطن لاجل المواطنة والمساواة والعيش الكريم. وحتى يتم هذا في لبنان، يجب ان أذكر أن كنيستنا الارثوذكسية ليست تكتلا طائفيا ضيقا ومغلقا. وحتى لا نقع في هذه الخطيئة، نسعى نحن الارثوذكسيين مع كل اللبنانيين لنشكل وطنا واحدا لا يرضى ان يملى عليه شيء من الخارج، وهذا يدفعنا الى ان نكون جماعة فهم وعلم ودراسة وعطاء، جماعة واعية الى ما ينبغي ان تعطي لتزيد الوطن اخلاصا لابنائه. حقوق المواطن ستكون همنا لاننا لا نزدهر وحدنا وبغيتنا انتعاش الجميع في وحدة لبنانية" (أنقر هنا لقراءة كامل الكلمة). من ثم توجّه صاحب الغبطة والسادة المطارنة إلى صالون الدير لتقبل التهاني. وقد حضرت وفود أسلامية من طرابلس وعكار للتهنئة. والأقى مدي الأوقاف في عكار زيد زكريا كلمة في المناسبة شدد فيها على العيش المشترك في لبنان.
ومساءً بارك غبطته مائدة المحبة في معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي بحضور السادة المطارنة وأساتذة وموظفي المعهد وطلابه وبعض االضيوف. وقد توجه غبطته إلى الطلاب وشكرهم على ما قدموه ويقدموه للكنيسة وخاصة الجوقة التي تركت أثرًا طيبًا في قداس التنصيب. ثم كانت كلمة للدكتور أديب صعب نيابة عن أساتذة المعهد (أنقر هنا لقراءة الكلمة). وختم غبطته اللقاء بكلمة من القلب، كلمة أبٍ لأولاده. فشدد على الحضور أن يكونوا للمسيح ولكنيسته ثابتين في الايمان ليكونوا شاهدين للحق دومًا.
يوم مميز عاشه البلمنديون والمؤمنون بحضور غبطة البطريرك الذي عرفوه جيداً عبر وجوده ولمساته التي أسهمت برسم المعالم الأكاديمية والهندسية والليتورجية للبلمند عميداً لمعهد اللاهوت ورئيساً للدير، واليوم كرئيس رعاة مدينة الله أنطاكية العظمى. ألا جعل الله سنيه عديدة مفعمة بالخير والقداسة.