رسالة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسيّة الرومانيّة:
إلى راعي السلام والأخوّة بين البشر
تلقّت كنيسة رومانيا الأرثوذكسيّة بحزن مسيحيّ عميق خبر انتقال أخينا في المسيح ومشاركنا في الخدمة، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق إغناطيوس الرابع، إلى الأخدار السماويّة.
حبا الله غبطته بمواهب مميّزة، وقد نمّاها بفضل جهده الشخصيّ، حتّى حاز ثقافة لاهوتيّة واسعة. وكخادم مخلص للمسيح ولرسالته المقدّسة، أظهر روح تضحية في سبيل الكنيسة، وانفتاحًا على الحوار بين الكنائس والأديان.
حرص البطريرك إغناطيوس بلا كلل على الدفاع عن الإيمان الأرثوذكسيّ وعن القيم الأرثوذكسيّة، وفي الوقت عينه وعى التحوّلات الثقافيّة وذهنيّة العالم المعاصر، الذي تأثّر بالأزمة الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وطال بخاصّة الحياة الروحيّة. في هذا السياق، وجّه اهتمامًا خاصًّا إلى الشبيبة التي سعى إلى تقويتها روحيًّا بهدف مواجهة تحدّيات عالم اليوم. والدعم الذي قدّمه لكلّيّة اللاهوت في جامعة البلمند يمثّل مساهمة قيّمة في تنشئة الإكليروس واللاهوتيّين، المدعوّين إلى الدفاع عن قيم الأرثوذكسيّة في الشرق الأوسط.
وكمسيحيّ مؤمن أذعن لطلب يسوع المسيح "ليكونوا هم أيضًا واحدًا" (يوحنّا 21:17)، فكان مدافعًا شرسًا عن الوحدة الأرثوذكسيّة، وداعمًا لا يملّ للجهود الساعية إلى التقارب بين المسيحيّين. في الوقت عينه شجّع على التسامح بين الأديان المختلفة عبر الرجاء والتضامن والاحترام المبتادل بغية حلّ المشاكل المشتركة.
بالنسبة إلينا نحن الأرثوذكس الرومان، ستبقى ذكرى زيارات غبطته كبطريرك أنطاكية (1981- 1996- و 1998) خالدة، بخاصّة عند تكريس كنيسة القدّيس إسبيريدون في بوخاريست (26 تشرين الأوّل 1996)، أوّل كنيسة أعيد بناؤها بعد العام 1990 وكانت بين تلك التي دمّرها النظام الشيوعيّ السابق. في الوقت عينه كان التعاون بين كنيستينا قويًّا ومثاليًّا، وذلك بفضل الرعاية التي قدّمها غبطة البطريرك إغناطيوس تجاه المؤمنين الأرثوذكس الرومان الموجودين ضمن بطريركيّة أنطاكية، والأرثوذكس الناطقين باللغة العربيّة في رومانيا. وعلى المستوى الأرثوذكسيّ العامّ، وبين المسيحيّين ومع الأديان الأخرى، كان أوّل من عزّز المسؤوليّة المشتركة والتعاون العمليّ.
في أيّام الحزن هذه، وبالنيابة عن رؤساء الأساقفة والإكليروس والمؤمنين في الكنيسة الأرثوذكسيّة الرومانيّة، نتقدّم من كلّ أعضاء المجمع المقدّس والإكليروس وكلّ الأرثوذكس في بطريركيّة أنطاكية بالتعزية والتعاطف، ونضرع إلى الله الرحوم أن يسكن نفس البطريرك إغناطيوس مع القدّيسين، ويغمره بمحبة الثالوث الأقدس وبنوره وسلامه.
ليكن ذكره مؤبّدًا
دانيال
بطريرك الكنيسة الأرثوذكسيّة الرومانيّة.
