بطريرك الحزم والمحبة بقلم فؤاد دعبول
08 / 12 / 2012
كان غيابه نكسة.
اما ارتقاؤه السدة فكان اعجوبة.
نكسة، لأن الارث كبير.
والاعجوبة تمثلت في ما تحقق.
ليس غريباً ان تكون الوديعة جامعة.
الا ان تحقيق المصالحة بعد انقسام وانشطار، كان اعجوبة في زمان جفت فيه الاعجوبات.
ليس حدثاً ان ينشئ اغناطيوس الرابع هزيم جامعة، على هضاب البلمند، وتغدو في لمحة بصر، مجموعة اجنحة ومبان تؤلف صرحاً علمياً اسمه جامعة البلمند.
هل كان سهلاً ان يجتذب البطريرك هزيم، كلاً من الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس واغنياء العالم المسلمين والمسيحيين، الى المساهمة في بناء جامعة ارثوذكسية للعيش المشترك، وللشباب جميعاً من معظم الطوائف والمناطق.
طبعاً لم يكن ذلك سهلاً.
لكنه لم يكن صعباً، على اغناطيوس الرابع المترفع عن المال والجاه، ان يجعل ارباب المال والجاه يتهافتون للمساهمة في تأسيس اجنحة على تخوم البلمند.
في لمحة زمان استطاع اغناطيوس الرابع، أن يصنع المعجزات.
كان قوياً في شخصيته.
ونافذاً في كلامه.
وصادقاً في وعوده.
من أجل ذلك لم يكن أحد يرد له طلباً.
ويصدّه في رغبة يبديها.
... وفي تمنٍّ يوحي به.
بهذه الشخصية الفذة، استطاع أن يجتذب أصحاب الدولة والمعالي للمساهمة في اطلاق جامعة البلمند.
وعرف بالسمعة الطيبة، ان يقنع ايضا اصحاب الكفاية، للعمل في جامعة وليدة، والجامعات تتوالد مثل الفطر في البلاد.
هذه واحدة من أعجوبات اغناطيوس الرابع.
في بداية عهده البطريركي تسلم الكرسي الانطاكي، وهو مشلّع، تتقاذفه القسمة وتسود الخلافات، والمطارنة قطعوا الشركة والشراكة بين بعضهم بعضاً.
القطيعة بين فريق المطارنة برئاسة البطريرك الياس الرابع والمطارنة الآخرين بزعامة مطران صيدا وصور ومرجعيون وراشيا بولس الخوري، ومتروبوليت عكار ابيفانيوس زائد.
الا ان اغناطيوس الرابع اجترح اعجوبته الأولى، بالغاء قرار قطع الشركة والشراكة وكرس اللحمة بين الكنيسة الأرثوذكسية بجناحيها الروحي والعلماني.
كان المطران بولس الخوري زعيماً كبيراً في الجنوب، ورأس بعد الاستقلال قائمة انتخابية ضمت وجوهاً جنوبية في مقدمتها الرئيس عادل عسيران، بوجه قائمة يرئسها أحمد الأسعد.
وكان اللقاء بين البطريرك هزيم، والمطرانين بولس وابيفانيوس، لقاء المصالحة والوحدة.
في منتصف ولايته قامت الأزمة الداخلية بين مطارنة أميركا والبطريركية الانطاكية، الا ان ارادة المحبة والتسامح بددت احتمالات الانفصال ان وُجد، وأزالت أسباب البعاد إن جثمت فوق الرؤوس وعلى الصدور.
والمحبة أقوى من الفرقة.
والأرثوذكس أقوياء في المحبة، وفي الخصام.
على ابواب التغيير الآتي.
وبعد انحسار قانون ١٩٥٦.
والدور الضائع للعلمانيين.
يبرز الآن تحدٍ امام البطريرك المقبل.
اي دور سيمثله خليفة اغناطيوس الرابع.
هل يكون بطريرك الجماعة ام بطريرك الشخص.
كان البطريرك الراحل، عظيماً في مواقفه، شديداً في حزمه، وقوياً في شخصيته والنفوذ.
لكنه ظل دائماً بطريرك الحزم والرجولة